j'aime la via
عدد المساهمات : 144 نقاط : 13637 تاريخ التسجيل : 08/10/2012
| موضوع: القيم الخلقية في ضوء السنة النبوية الثلاثاء أكتوبر 16, 2012 5:42 pm | |
|
آثار قيم الإسلام الخلقية في صياغة المجتمع المسلم (8- . على أن هذه الأخلاق العظيمة من رحمة وبذل وجود وإحسان وعفو لم تكن عن ضعف أو مهانة أو عجز, لذا نراه عليه الصلاة والسلام عندما تشتد المعارضة وتقوى المخالفة ويستهان بالمبادىء والأخلاق والقيم, يعد للأمر عدته ويتعامل مع المستهين بما يستحق من قوة وغلظة وحزم. - ومن ذلك ما عامل به عليه الصلاة والسلام طوائف اليهود الثلاث, وهم بنو قينقاع, وبنو النضير, وبنو قريظة, فكلهم نقض العهد الذي ينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم(1) . وكان عليه الصلاة والسلام قد صالحهم يوم قدم المدينة , وكتب بينه وبينهم كتاب أمن (2) .
أما بنو قينقاع فأظهروا البغي والحسد وحاربوا الرسول صلى الله عليه الصلاة وسلم بعد بدر, فسار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاصرهم حتى نزلوا على حكمه, وكلم عبد الله بن أبي(3) فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وألح عليه, فوهبهم له, وأمرهم أن يخرجوا من المدينة ولا يجاوروه فيها(4) .
وأما بنوا النضير فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إليهم في نفر من أصحابه, وكلمهم أن يعينوه في دية الكلابيين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري(5) ,فقالوا : نفعل يا أبا القاسم, اجلس ههنا حتى نقضي حاجتك, وخلا بعضهم ببعض, وسول لهم الشيطان الشقاء الذي كُتب عليهم, فتآمروا بقتله, فأتى الرسول صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بما هموا به فقام وخرج راجعا إلى المدينة . ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتهيؤ لحربهم والسير إليهم, فحاصرهم وقطع نخلهم وحرّق. فأرسلوا إليه: نحن نخرج عن المدينة, فأنزلهم على أن يخرجوا عنها بنفوسهم وذراريهم وأن لهم ما حملت الإبل إلا السلاح, ففعلوا ذلك(6) . وأما بنو قريظة, فكانوا كما قال ابن القيم : " أشد اليهود عداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم, وأغلظهم كفرا, ولذلك جرى علهيم ما لم يجر على إخوانهم(7) ". وملخص أمرهم أنهم استغلوا اجتماع قريش وغطفان لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم, وحصارهم للمدينة, فنقضوا العهد الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم, فلما هزم الله الأحزاب سار إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم, وحاصرهم وضيق عليهم الحصار حتى نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكان بنو قريظة حلفاء للأوس فطلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحسن إليهم كما فعل في بني قينقاع حلفاء الخزرج, فقال لهم عليه الصلاة والسلام:" ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم ؟" قالوا : بلى, قال :" فذلك إلى سعد بن معاذ( ", فحكم فيهم: أن تقتل الرجال, وتقسم الأموال, وتسبى الذراري والنساء(9) . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقد حكمت فيهم بحكم الله عز وجل(10) ".
وحزمه عليه الصلاة والسلام في هذه المواطن ليس بأقل شأناً من رحمته وعفوه في المواطن الأخرى, فبمثل هذا الحزم وهذه الشدة قامت الفضائل, والتزم الناس الطريق وسلكوا السبيل, إن لم يحدوهم الأمل والرغبة, ساقهم الخوف والرهبة . وهذه المواقف منه عليه الصلاة والسلام تقابل مواقفه ممن هاجر مسلماً من مكة إلى المدينة بعد صلح الحديبية, فكما ردهم إلى الكفار مع ما يلحق بهم من العذاب والأذى وفاء بالعهد الذي بينه وبينهم, فإنه عليه الصلاة والسلام ألحق بهذه الطوائف العذاب لما نقضت ما بينها وبينه من العهد . وهكذا يظهر جليا من سيرته عليه الصلاة والسلام حرصه على القيم الخلقية, وتعظيمه لها, لأنها مقتضى شرع الله, ومحض أمره, فتعظيمها من تعظيم أمره, والتزامها عمل [b] | |
|