تحضير الأرواح
إن تحضير الأرواح يعتبر من أكثر الظواهر الغامضة في حياتنا، والبعض يصدق أنه من الممكن إجراء اتصال حقيقي بالأرواح وإن كان يؤمن أن ذلك يقتصر على بعض الناس ممن وهبهم الله موهبة الاتصال، والبعض لا يصدق إمكانية وجود أي اتصال مع عالم الأرواح ويعتبر ذلك تخاريف ونوعا من أنواع السحر الأسود لجأ إليها السحرة بعد أن تم تعقبهم من السلطات فغيروا من اسم نشاطهم من السحر إلى تحضير الأرواح ليفلتوا من العقاب.
وسنحاول أن نعرض وجهتي النظر… ومطلوب منك في الآخر تعرفنا رأيك إيه؟!
البداية
جاءت بداية فكرة تحضير الأرواح في أمريكا سنة 1848 ثم انتشرت بعد ذلك في أوروبا والعالم كله وتم تأليف كتب فيها وصارت علما يدرس في بعض الجامعات.
وقامت العديد من الجمعيات لتحضير الأرواح وكان أساس هذه الفكرة هو إمكانية السيطرة على الأرواح بعد موت الجسد وإمكانية استحضارها في أي وقت لتتحدث عن حالها في عالم الأرواح وأيضا عن بعض الأحداث التي حصلت في الدنيا سواء في الماضي أو حتى في المستقبل….!!
كيف يمكن الاتصال بالأرواح
إن المؤمنين بالاتصال بالأرواح يذكرون أنه يمكن الاتصال بها بعدة طرق:
الطريقة الأولى: التقمص بالوسيط
وذلك بأن تحتل الروح جسد أحد الوسطاء بعد دخوله في غيبوبة وتتكلم الروح بلسان هذا الوسيط وتجيب عن كل ما يوجه لها من أسئلة، وقد ذكر الأستاذ “أنيس منصور” في كتابه “أرواح وأشباح” العديد من تلك القصص التي يؤكد فيها إمكانية وجود وسيط يتصل بالأرواح فتحدث مثلا عن مغامرات الكونت “لوي هامون” الذي اشتهر بكتابة قصصه عن الأرواح والمنازل المسكونة والذي رغم خوفه وارتجافه كان يصر على التأكد بنفسه من مدى وجود أشباح في المنازل التي يكتب عنها.
وكانت آخر تجارب هذا الكونت هي: أنه سمع عن وجود أصوات مزعجة في منزل تسكنه سيدة عجوزة ثقيلة السمع تعيش وحيدة بسبب خوف الخدم وهروبهم من تلك الأصوات المزعجة، فقرر أن يخوض التجربة وطلب من تلك السيدة أن يستأجر المنزل فوافقت بعد أن حذرته من وجود أصوات مزعجة يسمعها الخدم في تمام العاشرة مساءً يوميا ولكنها لا تسمعها.
وبالفعل أقام “الكونت” وسكرتيره الخاص في المنزل وانتظرا إصدار الأصوات، وفي تمام العاشرة سمعا طرقا على الأبواب بعظام بشرية وضحكات مخيفة وأضيئت أنوار المنزل كلها فجأة، وهنا تأكد “الكونت” بخبرته أنه إما أمام روح شريرة أو روح معذبة…!! فاستدعى وسيطا أعمى يستعين به دائما واستطاع هذا الوسيط التحدث مع الروح وعرف أنه رجل اسمه “كارل” كان يقيم في هذا المنزل منذ 120 عاما وقام بقتل صديقه لأنه غازل زوجته “شارلوت” ودفنه في المنزل وكان يبكي وهو يدفنه لأنه صديق عمره ثم ماتت زوجته ودفنت أيضا في المنزل وهو لا يريد تركهما ولا يريد أن يزعجه أحد؛لذلك يقوم بتخويف كل من يسكن المنزل، وانتهت المغامرة بعقد اتفاق بين “الكونت” وروح “كارل” ليتوقف عن تخويف ساكني المنزل بشرط أن يتم تخصيص حجرة ويتم وضع منضدة ومقعدين بها، وذلك لأن “كارل” سيقابل زوجته في تلك الحجرة وقد نفذ اللورد الاتفاق وخصص حجرة في المنزل لـ”كارل” وزوجته… والعجيب أن تلك الأصوات توقفت تماما بعد ذلك…!!
الطريقة الثانية:
التجسد: ويعني أن تظهر الروح مجسدة في صورة مطابقة لصورة صاحبها في الدنيا، ويمكنها أن تتحدث، كما يمكن التقاط صور لها بواسطة الأشعة تحت الحمراء ويقال إنه تم التقاط صورة من هذا النوع لروح الملكة “استويد” ملكة بلجيكا.
وفي كتاب “أرواح وأشباح” أيضا يذكر الأستاذ “أنيس منصور” قصة لروح تم التقاط صور لها وتعود بداية هذه القصة لسنة 1710، حيث كانت هناك فتاة تدعى “دوروثي” ابنة “روبرت والبول” عضو مجلس العموم البريطاني وكان أخوها سير “روبرت والبول” رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الوقت.
وقد أحبت هذه الفتاة شابا من النبلاء، لكن والدها اعترض على زواجهما لأسباب سياسية وتزوج حبيبها من فتاة أخرى، لكن “دوروثي” لم تستسلم وانتقمت من أسرتها بأن عرفت كل ليلة شابا حتى قام والدها بقتلها وأعلن عدم تقبل العزاء فيها.
ولم يحدث أي شيء حتى عام 1786 حتى زار الملك “جورج الرابع” قصر رئيس الوزراء البريطاني وقد كان هذا الملك معروفا كنموذج للمجرم الذي يقتل دون أن ينفعل، وأثناء إقامته كضيف في قصر رئيس الوزراء البريطاني وفي إحدى الليالي استيقظ الملك صارخا وقال إنه وجد سيدة تتمدد إلى جواره في فراشه وإن كل شيء بها كان أخضر اللون إلا أن عينيها كانت عبارة عن تجويفين مظلمين. ومن الأوصاف التي رواها الملك أدرك الجميع أنها “دوروثي” ابنة صاحب القصر… ولما نظر الملك إلى لوحتها على الحائط تعرف عليها.. وهرب.
واستمرت الروح تظهر وتختفي على مدار سنوات عديدة وفي كل مرة تظهر فيها كان يتم إطلاق النار عليها، لكنها تهتز فقط مثل صورة على الماء ولا يحدث لها شيء.
وفي يوم 19 سبتمبر سنة 1936 أتى أصحاب القصر الذين رفضوا أن يتركوه لما له من قيمة تاريخية، أتوا بمصورين ليلتقطوا صورا للسيدة ذات الفستان الأخضر وفي الليل ظهرت وتم التقاط عشرات الصور لها ظهرت في مجلة “حياة الريف”.
وفي سنة 1946 تم التقاط فيلم كامل لها بكاميرات شديدة الحساسية وعرض هذا الفيلم في قاعة سينما “الشاطئ” في مدينة هوليوود وشاهده أكثر من مائة من علماء الروح، ولم يشك أحدهم في أن ما يراه يتحرك بهدوء هو شيء حقيقي، ولكن عندما تقرر عرض الفيلم على بعض خبراء التصوير السينمائي وبعض علماء النفس، وبعد أن أطفئت الأنوار وأضيئت الشاشة كانت الشاشة بيضاء تماما. فلسبب لا يعرفه أحد، مسح الفيلم تماما واختفت ذات الفستان الأخضر من الفيلم وأيضا…. من القصر…!!
الأشباح موجودة عند كل إنسان
إن الاهتمام بالأرواح والأشباح في الغرب يتزايد يوما بعد يوم وتنتشر الجمعيات الروحية ويتم إجراء مقابلات صحفية مع وسطاء روحيين، وذلك مثل المقابلة التي أجرتها جريدة “الديلي إكسبريس” البريطانية مع أحد الوسطاء الروحيين واسمه “دريك أوكورا” وهو أحد المتخصصين البريطانيين في تحضير الأرواح، وهو يتصل بالأرواح -حسب أقواله- بطريقة غير تقليدية فهو لا يستخدم البلورات السحرية أو السلال أو الحبال فهو يؤمن بأن الأشباح موجودة حولنا، ولكننا لم نهيئ أنفسنا لمخاطبتها والاتصال بها، فكل واحد يستطيع أن يتصل بها عن طريق القيام ببعض التمارين البسيطة التي تفتح الجزء المغلق في الجسد البشري وتجعله قادرا على رؤية ومخاطبة هذه الأشباح.
ويذكر “دريك” في كتابه “اصطياد الأشباح” أن الاشباح موجودة عند كل إنسان له خبرة في الحياة وهو يضرب مثالا بأن الإنسان قد يفكر في شخص لم يره منذ فترة طويلة ثم يرن التليفون ليجد أن المتحدث هو نفس الشخص الذي كان يفكر فيه، كما أن هناك أناسا يشمون روائح العطور أو التبغ الخاص بآبائهم بعد فترة طويلة من وفاتهم. وهو يؤكد أن تلك الأرواح تحاول دائما الوصول إلينا وهي ليست مخيفة، بل تتميز بالهدوء والرغبة في إقامة علاقات حميمة مع البشر…!!
وعن الطريقة التي يتبعها للاتصال بالأرواح فهو يلجأ للتأمل فيجلس وحيدا أمام المرآة صامتا ويبدأ في التساؤل بينه وبين نفسه عن وجود أرواح في المكان فإذا كانت هناك أرواح سيتغير الشكل الذي يظهر في المرآة.. وهو يقول إن تلك هي وسيلة الأرواح للتعريف بأنها موجودة.
وهو يصف الأشباح فيقول: للأشباح نفس الشكل التي كانوا عليها عندما كانوا أحياء، ولكنهم فقط تركوا أجسادهم الفيزيقية ولا تتحول الروح إلى ملاك كما يعتقد الناس، ولكنك لو كنت في حياتك ضاراً ستبقى أيضاً شبحاً ضاراً. وبالطبع الكثير منا لا يتصور أنه يتحدث مع شبح، ولكن البعض الآخر يهوى تلك المغامرات ويرحب بزيارة منزل مهجور ليرى ساكنيه من الأشباح، ويقدم “أكورا” بعض النصائح إلي أولئك الذين يصحبون أصدقاءهم لزيارة أحد المنازل المسكونة فلكي يتأكدوا من وجود الشبح الذي يسكن المنزل يقترح حمل بعض الأشياء لتكون هدفاً للأرواح، مثل صليب من المعدن يوضع على قطعة قماش أبيض أو ورقة بيضاء. وينبغي أيضا حمل كيس من الدقيق ينثر على الأرض لاكتشاف أية آثار وكذلك ميزان لقياس أي تغيير في درجة الحرارة. كما أنه يوصي بحمل كاميرا لالتقاط أية إشارة لحضور الروح.
بين العقل الباطن وحركات النصب
ورغم انتشار الكلام عن الأرواح وتحضيرها وإمكانية استحضار أرواح الموتى والتحدث معها والتعرف على عالمها الغامض، إلا أنه لم يمكن حتى الآن إثبات صحة أي اتصال بالأرواح أو إمكانية رؤية الإنسان لشبح حقيقي والتحدث معه بأية لغة وأية وسيلة وكوسيلة لإثبات أن تلك الفكرة خرافية أعلنت مجلة “ساينتفيك أميريكان” عن جائزة مالية ضخمة لمن يؤكد صدق هذه الظواهر الروحية، ولكنها لا تزال تنتظر ولم يفز أحد بالجائزة ولعل هذا دليل على بطلان هذه الظاهرة.
وقد فسر بعض علماء النفس هذه الظاهرة بأن العقل الباطن هو الذي ينسج الشخصية ويجعلها تتكلم أو تكتب أو غير ذلك من أفعال، وهم يبرهنون على ذلك بأن إحدى الطرق الخاصة بتحضير الأرواح تنص على إحضار ورقة وقلم “ويستحسن الرصاص” ويتم رسم بعض الخطوط بدون رفع القلم، وبعد ذلك يتم إرخاء اليد فإذا كتبت اسم الشخص بطريقة ملتصقة فإن ذلك يعني أن الروح التي يتم تحضيرها قد تحكمت في يد الوسيط، وقد فسر العلماء ذلك بأن اليد معتادة على كتابة الاسم ألوف المرات وأن العقل الباطن قام بعملية flash back فجعلها تكتب الاسم وعند سؤال الروح أي سؤال فإن العقل الباطن أيضا هو الذي بجعل الشخص يتخيل الإجابة.. هذا بالطبع بفرض أنه ليس هناك حركات نصب أو شخص يتحدث من وراء باب مغلق أو ستارة مسدلة خاصة مع وجود الإيحاءات المختلفة من إضاءة خافتة ونقل الأجسام وتحريكها بتتابع معين للإيحاء بوجود اتصال بالأرواح…!!
وعلى العموم فإن أغلب الظن أن جلسات تحضير الأرواح هي نوع من أنواع السحر الأسود وهذا ما يؤكده فضيلة الشيخ الدكتور “عبد الحليم محمود” -رحمه الله- في كتابه “توازن الأرواح” فيقول: إن ما يحضّر في هذه الجلسات التي يعقدونها ليست أرواحا لبني البشر، وإنما هي أنواع من الجن تحضر سخرية ببني البشر، أو تضليلا لهم..
وصدق الله العظيم حين قال: (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) سورة الإسراء 85 .
[b]